إن هذه القبسة توضح لنا أن الدين الإسلامي لا يحمل شيئاً من الإرهاب سواءً أكان الإرهاب الاجتماعي أو
الفكري وهذا الدعوة على الإسلام باطلة.
قال تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" من سورة آل عمران الآية رقم 85.
1- حول ما يلصق بالإسلام وما يسمى بالإرهاب الاجتماعي:
هذه الأيام تتحدث القنوات بشكل واضح وتعتبر الإسلام ديناً إرهابياً لأن الإسلام يربي أبناءه على روح العدوان على الآخرين ويغرس فيهم الروح العدوانية، ويبيح حرمات الكافرين. ويروين أن بعض الآيات:
قال تعالى: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه" من سورة الأنفال الآية رقم 39.
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ" من سورة التوبة الآية رقم 73.
"وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ" من سورة الأنفال الآية رقم 60.
إذا الإسلام يعلم العدوان على الآخرين وعدم احترام حرمات الغير، وهذا ما يسمى بالإرهاب الاجتماعي.
ولابد من وقفة تأمل هنا: الإسلام لا يربى أبناءه على الإرهاب والعدوان على الآخرين، والإسلام لا يرى مشروعية القتال والعدوان مطلقاً... هناك حدود وهناك فروض معينة شرع فيها الإسلام القتال ولم يشرع الإسلام القتال بصورة مطلقة دون أن تكون هناك حدود وقيود. نحن عندما نقرأ الآيات المباركة نرى أن الغرب استشهدوا بصدر الآية وتركوا ذيل الآية، أما نحن عندما نقرأ الآيات بصورة كاملة نرى أن الإسلام لا يشرع القتال والعدوان على الآخرين إلا في حدود وظروف معينة.
قال تعالى: "وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ" من سورة البقرة الآية رقم 190.
إذا هناك حدود وضعها القرآن الكريم، ومن هذه الآيات نفهم أن فلسفة الجهاد في الإسلام فلسفة دفاعية، والإسلام يرى الجهاد وكمبدأ دفاعي لا مبدأ عدواني ولا هجومي، ومن منطلق الصد والدفاع، ويفترض الجهاد والقتال في صورتين:
1) أن يتعرض الدين الإسلامي للعدوان والهجوم.
2) فرض الفتنة، إذا كان الكفار في موقع الفتنة (يعني إقامة الكفار مخطط لأجل هدم الإسلام وإطاحة الدين الإسلامي.
ويجب الدفاع في كلتا الحالتين، بل أن القرآن الكريم يرتقى عن ذلك، ويأمر بإقامة العلاقات الحسنة مع أصحاب الديانات الأخرى سواءً أكان يهودياً أو نصرانياً.
قال تعالى: "لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" من سورة الممتحنة الآية رقم 7.
2- ما يلصق بالإسلام من الإرهاب الفكري:
كثير من الأقلام تعرضت للإسلام ووصمته بالإرهاب الفكري والإرهاب الفكري هو مصادرة الفكر الآخر، يقولوا أن الإسلام لا يرى للفكر غير الإسلامي أي قيمة... وأقام هؤلاء دليلين على ذلك:
1) النقلي: في الآيات القرآنية:
قال تعالى:"إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ" من سورة آل عمران الآية رقم 19.
"وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" من سورة آل عمران الآية رقم 85.
"مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ" من سورة إبراهيم الآية رقم 18.
"وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ" من سورة النور الآية رقم 39.
إذا الآيات القرآنية تمثل ظاهر الإرهاب الفكري في الإسلام.
2) العقلي:
v النقطة الأولى: نسبة الله تعالى إلى كل المخلوقات واحدة، قال تعالى: "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" من سورة ق الآية رقم 16.
v النقطة الثانية: الحسن والقبح في الأفعال هل هو حسن واقعي أو حسن اعتباري؟ قال تعالى: " وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ " من سورة ق الآية رقم 16.
ويقول الفلاسفة أن هناك أمور اعتبارية تختلف بخلاف الديانات أما الأمور الواقعية فلا تختلف، فشرب الخمر في بعض الديانات حرام والأخرى حلال، وهو من الأمور الاعتبارية، أما زوايا المثلث فهي تساوي قائمتان (180 درجة) ولا تختلف من ديانة إلى أخرى وهي من الأمور الواقعية. وحسن الأفعال وقبحها من الأمور الواقعية، فالعدل حسن في إي من الديانات سواءً في الإسلام أو غيره والظلم والكذب والخيانة من الأمور الغير حسنة والنتيجة هي: لو أن شخصان (مسلم وغير ومسلم) كل منهما فعل خيراً، فنقول أن ما فعله المسلم من خير فهو حسن وله الأجر أن شاء الله، أما الأخر فلا؛ لأنه غير مسلم... هل أن عمل المسلم حسن وغير المسلم غير حسن وهذا في تضاد مع النقطة الثانية السابق ذكرها. إذا لما هذا التفكيك بين عمل المسلم وعمل الغير مسلم، وهم بذلك يتهمون الله - جل شأنه وتعالى – بالنقص في العدل بين المخلوقات، أم أن الذين اخترعوا الكهرباء والهاتف والمصباح وغيرها من الأجهزة لا أجر لهم؛ لأنهم من غير ملة الإسلام.
أنت إذا تسمع قوله تعالى: "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ" من سورة آل عمران الآية رقم 19.
"وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" من سورة آل عمران الآية رقم 85.
فما هو المقصود بالإسلام؟ فهل الإسلام هو الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة أم أنه شيء أخر؟ الإسلام شيء أخر... الإسلام كما ذكرت النصوص هو التسليم، والتسليم له ثلاثة درجات:
1) التسليم الجسدي.
2) التسليم العقلي.
3)التسليم القلبي.
قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" من سورة الأحزاب الآية رقم 56.
ما المقصود هنا في الآية المباركة من التسليم؟
المقصود هو التسليم بدرجاته الثلاثة وليس التحية، فيكون التسليم للأمور ونواهي الرسول (ص) بكل الدرجات الثلاثة، والإسلام أيضاً يعني التسليم بدرجاته الثلاثة لله، فمن سلم جسده وعقله وقلبه فهو المسلم الحق.
ونحن عندما نقرأ قوله تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" من سورة الملك الآية رقم 2.
ما معنى العمل الحسن؟
الفلاسفة يقولون (هناك حسناً فعلي – ملكي – أي الصورة الظاهرية من الفعل وهناك حسناً فاعلي – ملكوتي – أي الصورة الباطنية والدوافع وراء هذا العمل. فإذا قام الشخص بعمل بقصد التقرب إلى الله فحسنُ العمل من الحسن الفعلي والفاعلي، أما إذا قام الشخص بعمل بقصد الذات والجاه والنفس فحسنُ من جهة واحدة وهي الفعلي أما الحسن الفاعلي فلا، وأن صدر العمل الحسن من الكفار فالله يجازه على ذلك كما في قوله: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً" من سورة الكهف الآية رقم 30. / "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" من سورة الزلزلة الآيتين رقم 7-8.
إذا نحن في الإسلام لا يوجد عندنا شيئاً من الإرهاب الفكري وهذا الإدعاء باطل.